مصر " دور منظمات المجتمع المدني في التقليل من مخاطر فيروس كورونا على المتعايشين "
يمكن القول أن العالم لم يواجه تحديا مثل التحدي الراهن المصاحب لاجتياح فيروس كورونا. فما نشهده اليوم مختلف تماما نظرا لطبيعته فالتصدي لهذه الجائحة يلزم فرض إجراءات وتدابير دولية وقائية لها آثارها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتي قد تمتد لفترة طويلة من الزمان. وبالحديث عن المواجهة، فإن المسئولية الرئيسية تقع على عاتق الدول بمؤسساتها السياسية والصحية والأمنية، ولكن بالطبع فإنه من المفترض والمتوقع أن تلعب منظمات المجتمع المدني، بوصفها جزء أصيل من المجتمع دورا رئيسا في مواجهة الجائحة وفي التصدي لآثارها المستقبلية
وفي هذه المقالة سوف نستعرض دور منظمات المجتمع المدني بشكل عام وخصوصا العاملة على ملف المتعايشين مع فيروس نقص المناعة في مصر
ان منظمات المجتمع المدني لها دور هام في التدخل الميداني في الأزمات وحشد الطاقات وضخها وذلك من خلال تدعيم مؤسسات الدولة والمساعدة على تنفيذ التعليمات الصادرة من الحكومة للالتزام بالتدابير الاحترازية
لذا فهي لعبت ولازالت تلعب دورا أساسيا للحد من انتشار الفيروس والتوعية بكيفية مواجهة انتشاره والإجراءات التي يجب اتباعها للوقاية من الإصابة خاصة في القري والريف والأماكن البعيدة عن الحضر والأماكن ذات الكثافة السكانية المرتفعة في المدن لما تملكه هذه المنظمات من قدرة على التعامل على الأرض، والوصول السريع للأماكن النائية وهو دور مكمل لدور الحكومة التي تستخدم وسائل الإعلام بشكل مكثف لنشر الوعي والتثقيف.
هذا بالإضافة الى ذلك الدور الكبير الذي تلعبه هذه المنظمات في التصدي للشائعات ودعم الجهود الحكومية في مواجهة أزمة هذا الوباء العالمي بالمساهمة الفاعلة في تعزيز الوعي المجتمعي وتوعية الشعب لكيفية التصدي لهذه الشائعات وعدم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي وأخذ الأخبار من مصادرها الرسمية و كذلك استخدام وسائل التواصل الاجتماعي التي تشجع الناس على البقاء في المنازل وعدم الخروج والاختلاط.
فمنذ ظهور الحالات الأولى للإصابة بفيروس كورونا في مصر تعددت الدعوات المطالبة بضرورة تفعيل دور منظمات المجتمع المدني بشكل عام والمعنية بملف المتعايشين والفئات الأكثر عرضة وحشدها لتتلاءم مع اللحظة الفارقة التي تمر بها البلاد جراء انتشار جائحة كورونا
واستجابة لذلك كانت هناك عدد من المبادرات من جانب بعض مؤسسات المجتمع المدني التي قامت من خلالها بتنظيم ندوات توعوية للفئات الأكثر عرضة كما قامت بتقديم المستلزمات الوقائية والمواد الغذائية قصد التخفيف من الأعباء المعيشية جراء تضرر شرائح واسعة من توقف العمل في بعض المجالات، وفي مقدمتهم العمالة اليومية.
وايضا مبادرات الدعم الوقائي؛ من خلال توفير المستلزمات الطبية التي تحتاجها المستشفيات، من أدوات الوقاية الشخصية من العدوى، ومن بين النماذج، دور مؤسسة "مصر الخير" خلال إسهامها في تقديم المستلزمات الطبية والملابس الوقائية الخاصة بالأطباء والممرضين بمستشفيات العزل والحجر الصحي والحميات على مستوى الجمهورية ،وايضا دور بنك الطعام المصري ، والحملة التي أطلقها تحت مسمى "دعم العمالة اليومية مسؤولية"؛ وذلك ابتداءً من 22 مارس، والتي تم من خلالها توزيع 500 ألف كرتونة طعام كدعم غذائي .
ونخص بالذكر الجهود المبذولة من جانب منظمات المجتمع المدني العاملة على ملف المتعايشين مع فيروس نقص المناعة بالتنسيق مع وزارة الصحة والسكان المصرية والبرنامج الوطني لمكافحة الإيدز لإتاحة بدائل لتقديم الخدمات الصحية والعلاجية للمتعايشين مما مكنهم من الحصول على علاجهم الثلاثي لمدة ثلاثة أشهر بدل من شهر وتيسير الحصول عليه عن طريق أحد الأقارب أو الأصدقاء بدلا من الحضور للمركز الصحي لحمايتهم من خطر العدوى
ايضا دور (مؤسسة الشهاب للتطوير والتنمية الشاملة) على صياغة خطة عمل من أجل تحويل الخدمات المقدمة الى خدمة إفتراضية عن طريق الخط الساخن لتقديم وتوفير خدمات الدعم النفسي للفئات المفتاحية للتصدي لظاهرة العنف الأسري المرتبط بوباء فيروس كورونا و لتمكين النساء الناجيات من العنف للوصول الى مكان أمن وسط الوباء وتقديم رسالة توعية شاملة للمستفيدين عبر الهاتف حول طرق الوقاية
بالإضافة إلى ذلك ، يتم استخدام استراتيجية أخرى تتمثل في تقديم مقترحات طلب منح مالية إلى جهات مانحة مختلفة لتوفير مساعدات للفئات الأكثر هشة كالمساعدات الغذائية والمطهرات وغيرها. علاوة على ذلك ، تم تصميم حملات توعية عبر الإنترنت لزيادة الوعي بالوباء وأفضل الممارسات للبقاء في أمان.
بعد أن تم طرح عديد من المبادرات التي قام بها المجتمع المدني سواء على المستوى العام او للفئات الأكثر عرضة و كان لزاما علينا ان نستعرض عدد من النقاط التي ينبغى أخذها فى الاعتبار عند النظر فى أدوار المجتمع المدني في مصر مستقبليا ، والتى يمكن أن يكون الظرف الراهن فرصة لطرحها، وهي:-
تقييم الموقف الحالي:-أن الفرضيات بشأن تأثيرات الوباء المستقبلية متعددة,وبالتالي فإن على المنظمات المجتمع المدني وخاصة تلك التي تمتلك الخبرات الكافية وشبكات العلاقات أن تبدأ عمليات التقييم للموقف من أجل بناء رؤى إستراتيجية وتحديد مستوى وحجم التغييرات المطلوبة
إستخدام تكنولوجيا المعلومات:- فرض الظرف الحالى على الجميع استخدام تكنولوجيا المعلومات ووسائل التواصل الاجتماعى فى التواصل والتشاور وحتى فى تنفيذ أنشطة تتعلق بالتوعية وتطوير القدرات، وهذا الأمر يمكن الاستفادة منه حتى فى الظروف العادية لتحقيق تواصل فعال بتكاليف أقل.
ايجاد بدائل للتمويل من المتوقع أن تطرح قضية تنمية الموارد نفسها بقوة خلال الفترة القادمة، سواء بسبب إحتمالية حدوث مزيد من التراجع في دعم منظمات المجتمع المدني مع الركود الاقتصادي المحتمل، أو إعادة توجيه الدعم باتجاه الأعمال الخيرية والإغاثية التي اكتسبت شرعية أكبر في الظرف الراهن. وهو ما يتطلب وضع تصورات ورؤى وتعميق التواصل مع الجهات المانحة لتفادي النقص المحتمل في الموارد.
لاشك أن المرحلة المقبلة سوف تتطلب,ربما أكثر من أي وقت مضى تفعيل الأدوار التنموية والإجتماعية والثقافية لمنظات المجتمع المدني ولذا فثمة حاجة ماسة لتعزيز الجهود من إصلاح بيئات المجتمع المدني في مصر والإقرار الفعلي بشراكة المجتمع المدني في مسارات التنمية ,فضلا عن إشراكة بشكل فعال في مرحلة التعافي من هذا الوباء.